السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
استوقفني تنبيه من الشيخ حامد الجنيبي - حفظه الله - على مسألة مهمة لطالب العلم
فأردت نقلها لتعم الفائدة بها أكثر
قال - حفظه الله تعالى - في شرحه للباب الأول من كتاب التوحيد للإمام محمد بن عبد الوهاب - رحمه الله
- : ".. وأيضا الهداية هداية في الدنيا وهداية في الآخرة: في الدنيا، الموحد مهتدي، وهنا لابد من التنبيه على مسألة مهمة، وخصوصا لطالب العلم: اعلم، وفقني الله -سبحانه وتعالى- وإياك، أنك إنما تهتدي في الدنيا لِمَراضِي الله -سبحانه وتعالى-بما يقوم في قلبك من توحيده -سبحانه وتعالى-، فاجعل التوحيد سائقا لك إلى طلب العلم، فإنك حينما تتعلم العلم الشرعي فإنما تقتبس من علم الله -سبحانه وتعالى-؛ وذلك ينبغي أن يورث في قلبك تواضعا وذلا لله -سبحانه وتعالى-، الذي تفضل وتكرم عليك بأن أنعم عليك بأن تتعلم شيئا من كتابه وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، ولا يكن حالك كحال قارون، قارون ماذا قال؟ ﴿قَالَ إِنَّمَا أُوتِيتُهُ عَلَى عِلْمٍ عِندِي ﴾ ، كم من اليوم من طلاب العلم هم يتشبهون بقارون، يظن أنه قد أوتي هذا العلم والفهم لذكاء عنده، لا يا طالب العلم، لا يا أخي الموفق، والله ما يؤتى طالب العلم العلم الشرعي إلا بإخلاصه لله -سبحانه وتعالى-، وإذا كان قد يفتح عليه من خزائن العلم، فإنما يفتح عليه من هذه الخزائن، إذا لم يكن في قلبه تعظيم لله وتوحيد لله -سبحانه وتعالى-، يفتح عليه بلاء واختبارا وامتحانا له، وقد يكون استدراجا عياذا بالله -سبحانه وتعالى-، لكي تكثر عليه حجج الله -سبحانه وتعالى-.
اعلم أنك إنما تهدى إلى العلم الشرعي، بما يقوم في قلبك؛ عَظِّم الله -سبحانه وتعالى-، وحد ربك في تعلمك، وحد ربك في عملك، وحد ربك في دعوتك، وحد ربك في الصبر على ما تعلمته من علم الله -سبحانه وتعالى-. وتذكر قول الله - سبحانه وتعالى-: ﴿ وَفَوْقَ كُلِّ ذِي عِلْمٍ عَلِيمٌ ﴾ ،
غرتك نفسك فظننت أنك إمامُ العقيدة، أو شيخ في العقيدة، أو طالب علم في العقيدة، تذكر من سبقك من أئمة العقيدة، تذكر النبي صلى الله عليه وسلم، تذكر الصحابة -رضي الله عنهم-، تذكر السلف الصالحين؛
غرتك نفسك فظننت أنك ذاك الرجل في الحديث، تذكر البخاري، وأحمد، ومسلم، وأبو زُرْعة، وأبو حاتم، وعبد الرحمان بن مهدي، وغيرهم من أئمة السلف، وغيرهم؛ غرتك نفسك في الفقه، تذكر الشافعي، ومالك، وأحمد؛ غرتك نفسك في فنون العلم، تذكر أصحاب النبي صلى الله عيه وسلم، تذكر السلف كيف كانوا، لكي تستحقر نفسك، فإذا تعاظمت نفسك فاعلم أنك قد تساق خارج الطريق الصحيح.
وأقبحُ ما يكون لطالب العلم أن يدعوَ إلى توحيد الله -سبحانه وتعالى-، ثم يقوم في قلبه العُجْب والرياء، وحب الشهرة، والسمعة، والذكر؛ ما ينبغي أن يكون هذا لطالب العلم، أخلص لله -سبحانه وتعالى-. ولعلي هنا أعرج على مسألة يعني كثرت في هذه الأيام، ترون الخلاف اليوم الحاصل بين السلفيين وبين طلاب العلم، اعلموا، وفقكم الله، أن الخلاف الحاصل اليوم، إنما هو بسبب خلل في التوحيد، وأقولها بأعلى صوت هو بسبب خلل في التوحيد، والله -سبحانه وتعالى- يقول: ﴿ فَنَسُواْ حَظًّا مِّمَّا ذُكِّرُواْ بِهِ فَأَغْرَيْنَا بَيْنَهُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاء إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ وَسَوْفَ يُنَبِّئُهُمُ اللَّهُ بِمَا كَانُواْ يَصْنَعُونَ ﴾ ، هذا بسبب الخلل في التوحيد ونقص في التوحيد، ابتلينا واختلفنا فيما بيننا، دعاة الحق يختلفون لِم؟ لنقص في التوحيد، وخلل في التوحيد. هذه كلمات أسأل الله -سبحانه وتعالى- أن ينفعني بها، وأن ينفع إخواني بها، الدنيا يا إخواني قصيرة، فإن لم نشغل أنفسنا بالله -سبحانه وتعالى- وبطاعة الله، فلنعلم أن أنفسنا ستَشْغَلُنا بمساخط الله -سبحانه وتعالى-. "
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق