أما بعد:
إن المراد من التعبير بالسلفية هو إتباع طريقة السلف الصالح من هذه الأمة المسلمة الذين هم أهل السنة والجماعة ومعنى ذلك هو الإجماع والاجتماع على إتباع سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم وأثاره باطنا وظاهرا وأتباع سبيل السابقين الأولين من المهاجرين والأنصار والذين اتبعوهم باحسان فكان هذا بيانا لشرعية الانتساب للسلفية قولا وعملا واعتقادا ليرجع المسلم إلى هذا الميزان الدقيق إلا وهو فهم سلفنا الصالح لنصوص الوحي من الكتاب والسنة
فاذا رجع المسلم إلى ذلك سلم له بأذن الله الطريق ونجا من الأهواء والبدع والأفهام السقيمة التي أفرزت للأمة شرا وفتنة عظيمةاشرها أنها فرقت الأمة إلى فرق وأحزاب كثيرة غير متفقة في العقائد والأعمال والأخلاق حتى صار المسلمون صنفان سلفيون وهم فرقة واحدة الناجية من النار وخلفيين وهم اثنان وسبعون فرقة كلها تعذب في النار
1 –السلفيون– وهما إتباع السلف الصالح.2 – الخلفيين– وهم إتباع الخلف –ما أحدث مما خالف منهج السلف – ويسمون بالمبتدعة إذ كل من لم يرضى طريقة السلف الصالح في العلم والفهم والفقه فهو خلفي مبتدع.من هم السلف الصالح.هم القرون المفضلة وعلى رأسهم وفي مقدمتهم سيدنا وقدوتنا محمد –صلى الله عليه وسلم –وأصحابه الكرام الذين اثني عليهم الله تعالى بقوله )–محمد رسول الله والذين معه أشداء على الكفار رحماء بينهم تراهم ركعا سجدا) –واثنى عليهم رسول الله –صلى الله عليه وسلم –بقوله-خير الناس قرني ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم. .-من هو السلفي.؟؟؟هو كل من يدعو إلى مثل ما دعا إليه رسول الله –صلى الله عليه وسلم –وصحابته الكرام والتابعون الأخيار ومن تبعهم بإحسان فهو على منهج السلف وهو السلفي.هل التحديد الزمني شرط في صحة التسمي بهذا الاسم –أي يكون قد عاش في زمن القرون الفاضلة -التحديد الزمني ليس شرطا في ذلك بل الشرط هو موافقة الكتاب والسنة في العقيدة والأحكام والسلوك بفهم السلف فكل من وافقة الكتاب والسنة فهو من إتباع السلف وان باعد بينه وبينهم المكان والزمان ومن خالفهم فليس منهم وان عاش بين ظهرانيهم قال تعالى –والله ورسوله أحق إن يرضوه إن كانوا مؤمنين –من هنا نعلم عدم صحة دعوى إن –السلفية مرحلة زمنية لا مذهب إسلامي – لان مذهب السلف مشتمل على أساسين عظيمين هما -1 –القدوة الحسنة.2 –المنهج الصحيح المتبع.فالقدوة–هم محمد-صلى الله عليه وسلم –وأصحابه وإتباعه من أهل القرون الثلاثة الخيرة ومن سارة على دربهم ونتهج نهجهم وسلك مسلكهم ووقف عند حدهم عقيدة وعبادة وسلوك.والمنهج-هو الطريقة المتبعة في هذه العصور في الفهم العقدي والاستدلال والتقرير والعلم والأيمان وجميع جوانب الشريعة.
وبهذا يتضح جليا أن الاتصاف بالسلفية مدح وثناء لكل من اتخذها قدوة ومنهجا لان له فيها سلف صالح وهم خير هذه الأمة بشهادة نبيها محمد –صلى الله عليه وسلم-.وإما الاتصاف بها دون تحقيق ما دلت عليه من الاعتقاد والعمل ظاهرا وباطنا فليس فيه مدح ولا ثناء لان العبرة بالمعاني لا بالمصطلحات اللفظية.المراد بلفظ السلفالمعنى اللغوي :
قال ابن منظور السلف والسلفية:الجماعة المتقدمون
وقال أبو السعادات ابن الأثيروقيل سلف الإنسان من تقدم بالموت من آبائه وذوي قرابته ولهذا سمي الصدر الأول من التابعين السلف الصالحالمعنى الاصطلاحي:
وقال الشيخ محمد أمان إلجامي-رحمه الله-عندما نطلق كلمة السلف إنما نعني بها من الناحية الاصطلاحية أصحاب رسول الله(صلى الله عليه وسلم)الذين حضروا عصره فاخذوا منه هذا الدين مباشرة غضا طريا كما يدخل في هذا الاصطلاح التابعون لهم الذين ورثوا علمهم قبل إن يطول عليهم الأمد والذين شملتهم شهادة الرسول(صلى الله عليه وسلم) لهم وثناؤه عليهم بأنهم خير الناسقال السفاريني المراد بمذهب السلف ما كان عليه الصحابة الكرام رضوان الله عليهم واعيان التابعين لهم بإحسان وإتباعهم وأئمة الدين ممن شهد له بالإمامة وعرف عظم شانهم في الدين وتلقى الناس كلامهم خلفا عن سلف دون من رمي ببدعة أو شهر بلقب غير مرضي مثل الخوارج والروافض والقدرية والمرجئة والمعتزلة والجبرية والجهمية والكرامية ونحو هؤلاء
قال(صلى الله عليه وسلم):"خير الناس قرني ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم"كما يشمل الاصطلاح تابعي التابعين
بداية ظهور هذا المصطلح
قال الشيخ محمد أمان-رحمه الله- ظهر هذا الاصطلاح واشتهر حين ظهر النزاع ودار حول أصول الدين بين الفرق الكلامية وحاول الجميع الانتساب إلى السلف وأعلن أن ما هو عليه ما كان عليه السلف الصالح فإذ لابد أن تظهر
وللحالة هذه أسس وقواعد واضحة المعالم وثابتة للاتجاه السلفي حتى لا يلبس الأمر على كل من يريد الإقتداء بهم وينسج على منوالهم
كان السلف الأوائل وهم الصحابة(رضي الله عنهم)قبل بزوغ بذرة التفرق والانشقاق ليس لهم اسم يتميزون به لأنهم يمثلون الإسلام والامتداد الطبيعي له لكن لما حصلت تلك الفرق الضالة التي يشملها لفظ أهل الأهواء لغلبة إتباع الهوى عليهم ولفظ أهل البدع لأتباعهم ماهو خارج عن الدين وأجنبي عنه وأهل الشبهات لأنهم يلبسون الحق بالباطل فيشبهون به على العامة لبناء خروجهم عن السنة على مرض الشبهة الفاسدة لما حصلت تلك الفرق منتسبة إلى الإسلام وهي منشقة عن العمود الفقري للمسلمين ظهرت ألقابهم-أي السلفيون-الشرعية المميزة بجماعة المسلمين لنفي الفرق والأهواء عنهم سواء ما كان من الأسماء ثابتا لهم بأصل الشرع مثل:الجماعة-جماعة المسلمين-الفرقة الناجية الطائفة المنصورة أو بواسطة التزامهم بالسنن أمام أهل البدع ولهذا حصل الربط لهم بالصدر الأول فقيل لهم-السلف-أهل الحديث-أهل الأثر-أهل السنة-وهذه الألقاب الشرعية تخالف أي لقب كان لأي فرقة كانت)التحديد الزمني لاستعمال لفظة (سلف)اخرج البخاري ومسلم-رحمهما الله- واللفظ للثاني من حديث عائشة-رضي الله عنها-وفيه إن فاطمة-رضي الله عنها-قالت إن –النبي((صلى الله عليه وسلم)-حدثني:)إن جبريل كان يعارضه بالقران كل عام مرة وانه عارضه في العام مرتين ولا أراني إلا قد حضر اجلي وانك أول أهلي لحوق بي ونعم السلف أنا لك
قال النووي في شرح هذا الحديث والسلف المتقدم ومعناه أنا متقدم قدامك فتردين علي
وعن انس-رضي الله عنه-قال لو أن رجلا أدرك السلف الأول ثم بعث اليوم ما عرف من الإسلام شيئا قال:ووضع يده على خده ثم قال إلا هذه الصلاة ثم قال: أماوالله على ذلك لمن عاش في هذه النكر ولم يدرك ذلك السلف الصالح فرأى مبتدعا يدعو إلى بدعته ورأى صاحب دنيا يدعو الى دنياه فعصمه الله من ذلك وجعل قلبه يحن إلى ذلك السلف الصالح يسال عن سبيلهم ويقتص أثارهم ويتبع سبيلهم يتعوض أجرا عظيما وكذلك فكونوا ان شاء الله
وعن ميمون بن مهران عن أبيه الصحابي قال لو أن رجلا انشر فيكم من السلف ما عرف غير هذه القبلة
وقال راشد بن سعد كما في البخاري كان السلف يستحبون الفحولة لأنها أجرى وأجسروبوب البخاري في صحيحه باب ما كان السلف يدخرون في بيوتهم وإسفارهم من الطعام
قال الاوزاعي :"اصبر نفسك على السنة وقف حيث وقف القوم وقل بما قالوا وكف عما كفوا واسلك سبيل سلفك الصالح فانه يسعك ما وسعهم " وقال :-"عليك بآثار من سلف وان رفضك الناس وإياك وأثار الرجال وان زخرفوا لك بالقول" قال أبو عاصم النبيل:-"سمعت سفيان الثوري وقد حضر مجلسه شاب من أهل العلم وهو يترأس ويتكلم بالعلم على من هو اكبر منه قال:فغضب سفيان وقال:لم يكن السلف هكذا كان احدهم لا يدعي الإمامة ولا يجلس في الصدر حتى يطلب هذا العلم ثلاثين سنة وأنت تتكبر على من هو أسن منك قم عني ولا أراك تدنوا من مجلسي:وقال شيخ الإسلام ابن تيمية-رحمه الله-:"لا عيب على من اظهر مذهب السلف وانتسب إليه واعتزى إليه بل يجب قبول ذلك منه بالاتفاق فان مذهب السلف لايكون إلا حقاتبين مما سبق ذكره إن لفظة (سلف) كانت معلومة منذ القدم وأنها تسمية شرعية لا حزبية فالانتساب إلى السلف فخر وأي فخر وشرف ناهيك به من شرف فلفظة السلفية أو السلفي لا يطلق عند علماء السنة والجماعة إلا على سبيل المدح والدعوة السلفية دعوى عريقة أصيلة واسم شرعي لا غبار عليه)الانتساب للسلفية ليس من التحزب الممقوتسئل الشيخ الألباني-رحمه الله-:لماذا التسمي بالسلفية ؟أهي دعوة حزبية أم طائفية أم مذهبية أم هي فرقة جديدة في الإسلام؟الجواب:-إن كلمة السلف معرفة في لغة العرب وفي لغة الشرع وما يهمنا هنا هو بحثها من الناحية الشرعية فقد صح عن النبي(صلى الله عليه وسلم)انه قال في مرض موته للسيدة فاطمة(رضي الله عنها)- (فاتقي الله واصبري ونعم السلف أنا لك) ويكثر استعمال العلماء لكلمة السلف وهدا أكثر من إن يعد ويحصى وحسبنا مثالا واحدا وهو ما يحتجون به في محاربة البدع:وكل خير في إتباع من سلف وكل شر في ابتداع من خلفولكن هناك من يدعي العلم ينكر هذه النسبة زاعما أن لا اصل لها فيقول:لا يجوز للمسلم أن يقول:أنا سلفي وكأنه يقول لايجوز أن يقول المسلم أنا متبع للسلف الصالح فيما كانوا عليه من عقيدة وعبادة وسلوك لاشك أن مثل هذا الإنكار لو كان يعنيه يلزم منه التبرؤ من الإسلام الصحيح الذي كان عليه سلفنا الصالح وعلى رأسهم النبي(صلى الله عليه وسلم)كما يشير الحديث المتواتر الذي في الصحيحين وغيرهما عنه (صلى الله عليه وسلم)(خير الناس قرني ثم الدين يلونهم ثم الدين يلونهم)فلا يجوز لمسلم إن يتبرأ من الانتساب إلى السلف الصالح بينما لو تبرأ من أية نسبة أخرى لم يمكن لأحد من أهل العلم أن ينسبه إلى كفر أو فسوق وأما الذي ينسب إلى السلف الصالح فإنه ينسب إلى العصمة على وجه العموم وقد ذكر النبي(صلى الله عليه وسلم) من علامات الفرقة الناجية أنها تتمسك بما كان عليه رسول الله وما كان عليه أصحابه فمن تمسك بهم يقينا على هدى من ربه ولاشك أن التسمية الواضحة الجلية المميزة البينة هي أن نقول( أنا مسلم على منهج السلف الصالح) وهي أن تقول باختصار( أنا سلفي )
سئل العلامة ابن باز-رحمه الله-فيمن تسمى بالسلفي والأثري هل هي تزكية؟فأجاب:إذا كان صادقا انه سلفي لا باس مثل ما كان السلف يقول فلان سلفي فلان اثري تزكية لابد منها تزكية واجبة وسئل الشيخ الفوزان-حفظه الله-هل السلفية حزب من الأحزاب؟ وهل الانتساب لهم مذموم؟فأجاب:السلفية هي الفرقة الناجية هم أهل السنة والجماعة ليست حزبا من الأحزاب التي تسمى ألآن أحزابا وإنما هم جماعة على السنة وعلى الدين هم أهل السنة والجماعة قال(صلى الله عليه وسلم)(لا تزال طائفة من أمتي ظاهرين على الحق لا يضرهم من خذلهم ولا من خالفهم)وقال أيضا(وستفترق هذه الأمة على ثلاثة وسبعين فرقة كلها في النار إلا واحدة –قالوا من هي يا رسول الله؟-قال من كان على مثل ما أنا عليه اليوم وأصحابي) فالسلفية طائفة على مذهب السلف على ما كان عليه الرسول(صلى الله عليه وسلم)وأصحابه فهي ليست حزبا من الأحزاب العصرية ألآن وإنما هي جماعة قديمة من عهد الرسول(صلى الله عليه وسلم)متوارثة مستمرة لاتزال على الحق ظاهرة إلى قيام الساعة كما اخبر(صلى الله عليه وسلم)
وقال أيضا:كيف يكون التمذهب بالسلفية بدعة ضلالة وكيف يكون بدعة وهو إتباع لمذهب السلف وأتباع مذهبهم واجب بالكتاب والسنة وحق وهدى قال تعالى {والسابقون الأولون من المهاجرين والأنصار والذين اتبعوهم باحسان رضي الله عنهم}
وقال النبي(صلى الله عليه وسلم)(عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين )فالتمذهب بمذهب السلف سنة وليس بدعة وإنما البدعة التمذهب بغير مذهبهم
وقال العلامة الوادعي-رحمه الله-في حكم الانتساب إلى السلفية والتسمي بها أمر طيب سواء انتسب إلى السلفية أم إلى السنة و هذه النسبة ليست كنسبة الحزبيين وقال الشيخ محمد أمان-رحمه الله-: -(فمدلول السلفية أصبح اصطلاحا معروفا يطلق على طريقة الرعيل الأول ومن يقتدون بهم في تلقي العلم وطريقة فهمه وطبيعة الدعوة إليه فلم يعد إذا محصورا في دور تاريخي معين بل يجب أن يفهم على أنه مستمر إستمرار الحياة)خلاصة الكلاملذا فان الدعوة السلفية هي دعوة الخير والبركة دعوة التوحيد الحق والإتباع السليم والتزكية والطهارة أي أنها باختصار دعوة الإسلام الصحيح التي بعث بها النبي(صلى الله عليه وسلم)فالسلفية تعني في جملتها (الإتباع المستبصر لنصوص القران والسنة واحترام العلماء الذين قاموا بفهم هذا الدين وتبليغه واقتفاء أثارهم في ذلك)وإما الاسم فنحن ولله الحمد لا نتعصب لهذا الاسم-أي السلفية-ونعادي عليه ونجعله شعارا بديلا عن الإسلام بل نحن مسلمون أولا وأخيرا إن شاء الله بهذا سمانا الله وقد رضينا بالله ربا وبالإسلام دينا وبسيدنا محمدا قائدا وقدوة (صلى الله عليه وسلم) فالسلفية لا تعني عندنا أكثر من الإسلام الصحيح الموافق للكتاب والسنة بفهم السلف الصالح-رضي الله عنهم-فالسلفي الحقيقي متبع للحق والدليل ومعظم لعلماء الأمة ومقدر لجهودهم وغير متطاول على فقههم وعلمهم بل هو متبع للحق أنى وجده غير طعان ولالعان ولافاحش ولابذيء والسلفي يضع نفسه موضعها ويعرف حق سلف الأمة وعلمائها ويجلهم ويحترمهم لأتباعهم للحق وإذا رأى شيئا من أقوالهم مخالفا الدليل اتهم نفسه أولا بعدم فهم الدليل وعذرهم ثانيا في اجتهادهم فلربما لم يصل إليهم الدليل وربما فهموا من دلالته غير ما فهمنا نحن فالسلفيون ليسوا مقلدين وإنما هم متبعون ثم هم ليسوا من أهل الوقاحة والتطاول على مقام العلماء بالتجريح والطعن بل هم-إنشاء الله-من الذين يعرفون الفضل لأهل الفضل والله اعلموصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحابته
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق